على عكس مباراتيه أمام فلسطين والأردن، قدم المنتخب السوري أفضل مبارياته في البطولة، رغم خسارته أمام أستراليا، وكان بإمكانه الخروج بنقطة تبقي على حظوظه قائمة في التأهل، لكنه طمع في الفوز، واندفع هجومياً ليتلقى هدفاً قاتلاً في الوقت المحتسب بدل الضائع.
ويتحمل الألماني شتانجه مسؤولية الخروج المبكر لسوريا، والذي كان مرشحاً على الأقل، قبل بداية البطولة للذهاب إلى الأدوار النهائية، إلا أن تخبطاته قادت المنتخب، ليدخل مباراته الأخيرة، وهو يبحث عن فرصة من «الباب الضيق»، لذلك اندفع بحثاً عن فوز، ليتجرع خسارة ثانية أنهت مشواره.
وظهرت الرغبة الكبيرة في تحقيق الفوز عند «السوري» من البداية، عندما بدأ بتشكيل هجومي وبطريقة «4-4-2»، مع تأخر السومة أو عثمان رأسي الحربة للربط مع الوسط، وبأسلوب الضغط العالي على المنافس، تجنباً لترك مساحات خالية، بينما لعب منتخب أستراليا بطريقة «4-2-3-1».
ونجح المنتخب السوري نتيجة للضغط الهجومي، في صناعة فرصتين مبكرتين، الأولى انتهت برأسية من عمر السومة فوق العارضة وسدد خريبين بجوار القائم، رافضاً هدية المدافع الأسترالي.
وشهدت الدقيقة 30 إلغاء هدف لسوريا للتسلل، وبعد مرور 5 دقائق من إلغائه كاد الحكم المكسيكي سيزار أرتورو، أن يهدي أستراليا أول أهداف اللقاء عندما اصطدمت به الكرة، وتألق إبراهيم عالمة حارس سوريا في منع فرصة مزدوجة بتصدٍّ ناجح على مرتين أمام المهاجم الأسترالي المنفرد.
وتمكن مابيل من افتتاح التسجيل في المباراة بالهدف الأول لمنتخب أستراليا، إلا أن رد سوريا لم يتأخر كثيراً، وأدرك خريبين التعادل، مستفيداً من عرضية رائعة، وسدد بالرأس ليتصدى لها الحارس الأسترالي، إلا أنه أرسل كرة قوية في سقف المرمى في الدقيقة الأخيرة من الوقت الأصلي للشوط الأول، ورفض عالمة أن ينهي منتخب بلاده النصف الأول من اللقاء متأخراً في النتيجة عندما أنقذ بشكل رائع فرصة محققة لمكلارين، ليذهب المنتخبان إلى استراحة ما بين الشوطين متعادلين بهدف لكل منهما.
وبشكل عام، جاء اللقاء مفتوحاً من الطرفين في نصفه الأول، والندية حاضرة في أغلب فتراته، والتحول السريع من الحالة الهجومية إلى الدفاعية والعكس، هو السمة المميزة للأداء من الفريقين، ومع ذلك فإن الخطورة لـ«الكنجارو» نسبياً، وظهرت بعض السلبيات في أداء سوريا أهمها ضعف الجهة اليسرى، وبشكل خاص مؤيد العجان الذي كشف جهته للمنافس.
وبعد مرور 8 دقائق من انطلاقة الشوط الثاني تلقى المنتخب السوري الهدف الثاني من خطأ لحسين جويد الظهير الأيمن، حيث ترك الكرة تمر لتتهيأ أمام يكونوميديس الذي أودعها المرمى مهدياً هدفاً ثانياً لأستراليا لم تفلح معه محاولات الإنقاذ، لأن الكرة عبرت خط المرمى، وفوت الحكم المكسيكي ركلة جزاء صحيحة لسوريا في الدقيقة 60 عندما لمس ميليجان الكرة بيده، لو احتسبت لتمكن من العودة سريعاً بالتعادل مثلما حدث بعد الهدف.
ورغم سحب مكلارين من الملعب والدفع بجيانو، إلا أن أستراليا واصل بعد ذلك أفضليته، وامتلك الكرة في منطقة البناء والتحضير، بشكل أكبر من المنتخب السوري الذي بدا على لاعبيه الإجهاد، وهبط معدل لياقتهم البدنية، وارتدت تسديدة من البديل جيانو من القائم السوري، ورد بعدها عمر خريبين برأسية أنقذها الحارس، الذي تألق مرة أخرى أمام خريبين الذي سدد من ضربة ثابتة، قبل أن يدرك السومة التعادل من ركلة جزاء عندما نفذها بقوة في الزاوية اليمنى.
وفي آخر ربع ساعة، اندفع المنتخب السوري الذي لا يوجد لديه ما يخسره في الهجوم، لتتم معاقبته في الوقت الوقت بدل الضائع بهدف الفوز الأسترالي عن طريق توم روجيك الذي سدد من مسافة بعيدة بدون أي ضغط من لاعبي المحور ليغادر «السوري» البطولة رغم الأداء الجيد في المباراة التي كان التعادل فيها سيحفظ له بعض الأمل في التأهل كأفضل الثوالث، لكنه دفع ثمن التخبط في المباراتين السابقتين مع الألماني شتانجه مدربه السابق، أمام فلسطين والأردن ليحتل المركز الرابع.
وسوريا اعتمد بشكل كبير علي خريبين الذي بذل جهداً كبيراً يستحق عليه لقب نجم المباراة، فقد قدم واحدة من أفضل مبارياته، لكن الحالة العامة للفريق، خاصة من الناحية البدنية في الجزء الأخير من المباراة، لم تجعل العمل الجماعي يتكامل مع جهده، ليكون هذا الخروج الحزين للمنتخب، ومن الدور الأول، على عكس المتوقع منه قبل انطلاقة البطولة.

فجر إبراهيم: اللياقة صنعت الفارق
يرى فجر إبراهيم المدير الفني لمنتخب سوريا، أن الجانب البدني صنع الفارق في المباراة، وقال: درسنا الفريق المنافس، وقدمنا أقصى طاقتنا، لكن واضح أن اللياقة هي الفاصلة، ونحن فخورون بأداء اللاعبين عموماً.
وتوجه المدرب بالشكر إلى الجماهير السورية التي وصفها بالرائعة، وأثبت أنها الرقم واحد بحضورها ومساندتها المنتخب، وقال: حاولنا خلال فترة قصرة أن نغير الموقف، ونجحنا في تعديل الصورة، إلا أن النتيجة لم تتغير، هذا الجهد يحسب لفريق عمل كامل ساعدني ولست بمفردي.
ورفض فجر إبراهيم الحديث عن أداء حكم اللقاء، وركز على الجانب الفني من خلال كشفه عن أنه حاول في الدقائق المتبقية إجراء تغييرات من شأنها أن تحسن الحالة الهجومية، لكن دفاعياً المساحات التي خلفها الفريق والفوارق البدنية والأخطاء الفردية أسهمت في تسجيل المنافس الهدف الثالث.

آرنولد: تخلصنا من «العقم»!
يرى جراهام آرنولد المدير الفني لأستراليا، أن ما حدث خلال المباراة والبطولة إلى الآن يعتبر درساً جيداً للاعبين الشباب، وقال: الأهم كيفية تعاملهم باللعب في منطقة الشرق الأوسط، والتعايش مع ضغط الجماهير، على الصعيد الشخصي لم أشعر بالقلق، بعدما سجل منتخب سوريا الهدف الثاني، وكنت أثق بقدرات لاعبي «الكنجارو» في حسم اللقاء.
وأضاف: أتمسك باللعب بأسلوبي من خلال الأداء المفتوح، ومحاولة تسجيل الأهداف، ولا أحبذ العودة إلى الدفاع وإغلاق المساحات، رغم أن التعادل يكفينا للتأهل، وأشاد المدرب بأداء روجيتش، معتبراً أنه قادر على تقديم المزيد خلال البطولة، وهو يسعى أن يكون مفتاح اللعب في المقدمة، بفضل قدراته التي تجعل منه لاعباً استثنائياً في التشكيلة.
ورفض آرنولد الحديث عن الحالات التحكيمية، موضحاً أنه لم يشاهد الإعادة، سواء في لقطة ضربة جزاء سوريا أو الهدف الثاني لأستراليا، حول تجاوز الكرة الخط من عدمه، وشدد على أن الأهم حالياً فتح صفحة الدور الثاني، وتجاوز ما حدث في الدور الأول، ويشعر بالرضا من رد فعل لاعبيه عقب خسارة المباراة الأولى، وعودتهم بقوة في مباراتين متتاليتين، نجحوا خلالهما في إنهاء العقم الذي حدث أمام الأردن وسجلوا 6 أهداف.